أن تقود ملايين البشر من خلفك، وهم على قناعة تامة بقدراتك وذاتك، أمر يحتاج إلى مهارات خاصة للغاية، وأن تجعل أمرك في هذا العدد مطاعًا وفكرك متَّبعًا، أمر يحتاج إلى فطنة وسلامة نفس وطموحًا لا يعرف اليأس وإرادة لا يدركها الملل، وبداهة وقَّادة تأخذك مباشرة إلى الحلول والتعامل مع الظروف أيًّا كانت، تلك هي مفردات النجاح، وتلك هي صفات القائد الحقيقي، وتلك من سمات القائد الصيني «ماو تسي تونج».
وهو صاحب سيرة طويلة عبر ما يقرب من سبعين عامًا، نشأ في ريف الصين لأب فلاح فقير، استهوته الماركسية فانتمى إليها، ثم صار أحد نجومها في الحزب الشيوعي الصيني، ثم صار رئيسًا للحزب، ثم استقل بعرش الصين وجلس عليه حوالي ثلاثين عامًا، قاد فيها الصين برؤيته الخاصة فصنع منها دولة قوية في وقت وجيز، ولا يزال كتابه الأحمر مرجعًا أساسيًّا للفكر الصيني والسياسة الصينية، بل إن دواوين شعره هي الأكثر مبيعًا في الصين، ولا تزال سيرته مقصد كثير من المطلعين، الذين يريدون أن يعرفوا تفاصيل تجربته المثيرة، حتى ولو كانوا مختلفين معه في الفكر والاعتقاد، فإن سيرته تستحق القراءة والمدارسة.
وقد طاف الكاتب على هوامش الشخصية واخترق أعماقها، فعرف بـ«ماو» الإنسان والمبدع والقائد وأيضًا الديكتاتور، وفسر كثيرًا من السطور الغامضة في حياته، ومعلومات كثيرة ستعرفها عن «ماو تسي تونج»، وأسئلة كثيرة ستجد الإجابة عنها وافية في صفحات هذا الكتاب. |